زوجان لبنانيّان يشهدان للحبّ الإلهي ويخبران عن تجلّي الدعوة إلى القداسة في أسرتهما

ريما ويوسف الترك-غلاف ريما ويوسف الترك | Provided by: Rima Turk

«من ثمارهم تعرفونهم» (مت 7: 16).

لأنهما غرفا من ينبوع المحبّة الحقيقيّة منذ سنّ مبكرة، أحبّا بعضهما بعضًا وعاهد أحدهما الآخر على عيش الحبّ الأبدي وزرع بذوره في قلوب ثلاثة صغيرة لمسها الربّ، فأينعت في حقله مبشّرةً بما صنعته يداه.

إنهما ريما ويوسف الترك اللذان يخبران «آسي مينا» عن مسيرة نابضة بالأنغام السماويّة والحبّ الأُسَرِيّ والثقة المطلقة بالله.

بطاقة تعريف

بدايةً، يحدّثنا الزوجان عن التزامهما في الكنيسة والعمل الاجتماعي؛ ريما هي من مؤسِّسي جمعيّة «نوسروتو» التي تُعنى بالمدمنين على المخدّرات وإصلاح الأحداث والنساء المعنّفات وسواها من القضايا، ومُؤسِّسة جوقة مار يوسف في حوش الأمراء، ومديرة جوقة «نوسروتو» منذ 20 عامًا، ومرنّمة في جوقات زحلة، فضلًا عن التزامها في خدمة السجناء وتطبيق برامج مبنيّة على العدالة التصالحيّة مع الأب مروان غانم.

أما يوسف، فقد تابع تنشئة خاصّة وقرّر الالتزام في الكنيسة. من حوالى 20 عامًا، التزم مع جمعيّة «نوسروتو» في السجون، إذ كان يُعدّ إنجيل الأحد وشروحاته ليتحاور حوله مع السجناء. أسّس فرع رهبنة مار فرنسيس للعلمانيين في زحلة، فضلًا عن تأسيس مركز لمعالجة المدمنين على المخدّرات. بعد 16 عامًا قضاها في متابعة المدمنين وتنشئتهم بحسب الكتاب المقدّس، حصلت شفاءات عجائبيّة معهم، إذ تجاوب المدمنون مع نعمة الربّ، فتزوّجوا وأسّسوا عائلات ناجحة. بقي مسؤول التنشئة في رهبنة مار فرنسيس على مدى 3 سنوات، وبعدها انتُخِب رئيسًا عامًا لرهبنة مار فرنسيس للعلمانيين في لبنان، وما زال الخادم الوطني للرهبنة الفرنسيسكانيّة حتى اليوم، علمًا بأنها تضمّ 32 فرعًا و1000 عضو ملتزم.

ولادة حبّهما

"إعجاب، فكلمة، فابتسامة، فحبّ متبادل تكلّل بالزواج في العام 1986"، هذا ما ترويه ريما عن ولادة علاقتهما، لافتةً إلى أن يوسف لم يكن ملتزمًا في الكنيسة آنذاك.

من جهته، يقول يوسف إن تلك الفترة شهدت الحرب الأهليّة في لبنان وكانت الطرق مقفلة، ولم يكن ملتزمًا في الوقت الذي كانت زوجته تصرّ عليه للذهاب إلى الكنيسة.

ويخبر أن التغيير حصل بعدما أهداه أحد الأصدقاء إنجيلًا ودعاه إلى قراءته، فبات يحمله معه في أسفاره، ويقرأ صفحة أو صفحتين منه كل يوم، فلمسته نعمة الربّ وقرّر الالتزام في دربه وبات يسبق ريما إلى المشاركة في القداس الإلهي.

ريما ويوسف الترك في يوم زفافهما. Provided by: Rima Turk
ريما ويوسف الترك في يوم زفافهما. Provided by: Rima Turk

فيض الحبّ في ثلاثة قلوب

في ما يتعلّق بتأثير الالتزام مع الربّ في مسيرة الحياة على تربية الأولاد، تؤكد ريما أنها لاحظت بعدما كبر أولادها الثلاثة كيف تأثروا بالتربية المسيحيّة وتعلّموا منها، مضيفة: "كنا نصطحبهم معنا إلى الكنيسة منذ طفولتهم. عندما كبروا، لم يعد من السهل اصطحابهم، لكننا زرعنا فيهم محبّة الله وكلمته، لذلك الأهمّ يكمن في التربية المبكرة".

وتتابع: "نجحت في التوفيق بين الالتزامات الكثيرة والتربية بفضل التنظيم الجيّد. بعدما كبر أبنائي، أكملت دراستي واخترت التخصّص في الأدب الفرنسي في الجامعة اللبنانيّة وتابعت دراساتٍ عليا في إدارة الجمعيّات غير الحكوميّة في جامعة الحكمة، وخضتُ معترك العمل. صحيح أن الالتزام في الجمعيّات والجوقات يحتاج إلى الكثير من الوقت، لكن أولادي رافقوني إليها وشاركوا في العزف على الآلات الموسيقيّة، فضلًا عن مشاركة زوجي في التأمّلات".

بدوره، يشدّد يوسف على أهميّة صلاة زوجته مع صغاره قبل خلودهم إلى النوم، إذ كانوا يسألونهما إخبارهم قصّة من الإنجيل أو قراءة مقطع منه، ما أثّر في نشأتهم وتعلّقهم بالربّ.

أسرة ريما ويوسف الترك. Provided by: Rima Turk
أسرة ريما ويوسف الترك. Provided by: Rima Turk

حضور الربّ في العائلة

المزيد

أما بالنسبة إلى حضور الربّ في العائلة ومدى تأثيره في تخطّي الصعوبات، فيقول يوسف: "إذا كان الربّ حاضرًا في العائلة، تُحَلُّ المشاكل والعقد. لا يمكننا قراءة الأحداث عند وقوعها بل علينا انتظار مرور الوقت قبل فهم تدخّل الله في حياتنا. إن وجود الربّ في العائلة والحياة يساعدنا دومًا، وما زال سندنا حتى اليوم في كل شيء".

من جهتها، توضح ريما أن أكبر برهان على وجود الله في حياة عائلتها يتجلّى في السير نحوه، والالتزام في الكنيسة، ومحبّة الآخرين ومساعدتهم، والأهمّ مخافة الله، ولا سيّما عندما تستمر العائلة في الصلاة في السرّاء، وتختار الخير، ولا تسمح للشرّ بجرّها إليه.

نعمة الله في التربية

إلى ذلك، يتحدّث الزوجان عن نعمة الله في التربية، فيقول يوسف: "إن نعمة الربّ تساعد في التربية. عندما نتأمّل في أبوّة الله، ندرك مدى اهتمامه بنا. متى يصير الرجل أبًا، يتأمّل بمدى قدرته على التضحية من أجل أبنائه ويشعر بأن ربّنا أب كامل. ويحدث الأمر نفسه مع الأمّ عندما تتأمّل في محبّة الله (أب وأمّ في الوقت عينه) ومريم العذراء".

بدورها، تؤكد ريما أن نعمة الربّ تساعد إلى حدّ بعيد في تربية الأولاد التي تتطلّب الكثير من التضحية والحبّ، لافتةً إلى أنها تتأمّل في كل ولد من أولادها؛ تكوينه وأحاسيسه وعقله وروحه وتشعر بأنه هبة من الربّ ومن المهمّ جدًّا الحفاظ عليها ورعايتها والاهتمام بنموّها والسعي الدائم لجعل الأبناء يحبّون خالقهم.

ريما ويوسف الترك. Provided by: Rima Turk
ريما ويوسف الترك. Provided by: Rima Turk

عيش القداسة في العائلة

(تستمر القصة أدناه)

في ما خصّ عيش القداسة في العائلة، يشدّد يوسف على أن القداسة تُقاس بالمحبّة، وأن الحياة جهاد مستمرّ حتى اللحظة الأخيرة، مضيفًا: "كلما أحبّ الولد الآخرين، أعطى من ذاته واقترب من القداسة أكثر".

في الوقت عينه، تؤكد ريما أن كل الأمور تتطلّب بذل الجهود والسعي من أجل الوصول إلى الغاية المنشودة.

وصايا للأبناء وشكر لامتناهٍ لله

تجيب ريما عن السؤال المتعلّق بأهمّ وصيّة تعطيها لأولادها، ضاحكة: "أحِبُّوا زوجاتكم واحترموهُنَّ كثيرًا"، في حين يقول يوسف إنه يوجّه إليهم ما قاله القديس أغسطينوس: "أحبب وافعل ما تشاء".

ويختم الزوجان مشاركة اختبارهما عبر «آسي مينا» برفع الشكر إلى الله على كل شيء، من الخلق حتى نهاية الأزمنة، والحمد على كل الاختبارات في الحياة وعطايا الله ونعمه والعائلة الرائعة والمُحِبَّة والصحّة والصبر والتمييز وهبة القلوب الفائضة بالحبّ.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته