أربيل, الثلاثاء 9 ديسمبر، 2025
ربّما يكون فقدان الإنسان المعاصر حسَّ الأواخريّة في كلّ ما يُفكِّر فيه ويفعله في حياته اليوميّة، أحد أهمّ الأسباب التي تجعله محاصرًا ضمن دائرةٍ ضيّقة، إذ لا يتعدّى تفكيره مستوى هذه الحياة الدُّنيا، ليغدو غير منشغلٍ بأمر الملكوت وبالتالي لا يُفكِّر كيف سيدخله.
تسعى حضارة اليوم المادّيّة إلى توجيه الأنظار صوب أفكار كهذه، مجتهدةً في ترسيخ فكرة مفادها أنّه «لا توجد حياة أبديّة»، عبر التركيز عليها وترويجها. فيأتي زمن الميلاد، الزمن الأكثر احتفاءً بالملكوت، ليطرح علينا سؤالًا مهمًّا: كيف نستطيع بلوغ الملكوت إن لم نلتقِ مَن هو الملكوت بذاته؟
يطرح الخورأسقف منتصر حدّاد، النائب الأسقفيّ العام لأبرشيّة سيّدة النجاة للسريان الكاثوليك في الولايات المتّحدة الأميركيّة، في حديثه عبر «آسي مينا»، إجاباتٍ وأفكارًا تسلّط الضوء على الملكوت بصفته موضوعًا مركزيًّا في زمن الميلاد والأكثر اختفاءً رغم أهمّيّته.
الملكوت مبتغى المؤمن
وأوضح حدّاد أنّ الإنسان، عندما يفقد مفهوم الحياة الأبديّة، لا يعود نيل الملكوت مبتغاه. عندئذٍ، يُصبح إنسانًا بلا معنى، ويُصبح عالمه عبارة عن فوضى، «توهو وبوهو» كحال الأرض الأولى بحسب سفر التكوين «خربة وخالية» لا شكل لها ولا معنى، قبل أن تمتدّ إليها يد الله.
وتابع: «يُعطي حضور الله المعنى، فحين يأتي الله ليعطي لمسته، كما نقرأ في سفر التكوين، يُعيد النظام إلى وجه الخليقة الفوضويّ، فيجعل حضوره كلّ شيء حسنًا جدًّا، لا سيّما الإنسان الذي خلَقَه على صورته ومثاله».
حين حاولت الخطيئة تشويه صورة العالم، الحسنة جدًّا، لم ينسَ الله خليقته، بل سعى دائمًا، عبر تدبيره الخلاصيّ، إلى ترميم كلّ التشوّهات التي تلحق بها جرّاء الخطيئة. وحين جاء ملء الزمان، قدّم الحلّ وأرسل ابنه الوحيد، ربّنا يسوع المسيح.
يسوع الملكوت
«يتجسّد الله ويُصبح إنسانًا يأخذ جسدنا ويلبس إنسانيّتنا ليُجدّدها ويُجدّد من خلالها الخليقة كلّها، وليُذكِّر الإنسان بأنّه لن يكون إنسانًا حقيقيًّا، على صورة الله ومثاله، ما لم يتذكّر أنّ هناك ملكوتًا ينتظره، وطَنًا كان ينتمي إليه، في البدء، وخسره بسبب الخطيئة»، بحسب حدّاد.
الميلاد فرصتنا للقاء يسوع، وهو الملكوت بذاته، لكنّه قال: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَد اقتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَات»، قاصدًا دعوتنا إلى فهم حقيقة الملكوت وحاجتنا إلى أن نتغيّر، نتجدّد، ندَع الله يغيّرنا، وهذا لن يكون إلّا بتوبتنا.
وختم حدّاد مؤكّدًا ثنائيّة التوبة ولقاء يسوع، إذ لا توبة دون لقاءٍ يجمعنا بالربّ، ولا توبة لمن لم يعرف أنّه خاطئ. «فكيف نعرف أنّنا خطأة، إن لم نضع أنفسنا إزاء القدّوس، المثال الحقيقيّ، يسوع المسيح، لنعرف عمق حاجتنا إلى التوبة لنبلغ ملء قامته وهو الملكوت الحقيقيّ؟».
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته