في بِجّة اللبنانيّة… كنيسة مار سركيس وباخوس حارسة الذاكرة والصمود

جبيل, الثلاثاء 7 أكتوبر، 2025

تحتفل الكنيسة المقدّسة بتذكار القدّيسَين الشهيدَين سركيس وباخوس في 7 أكتوبر/تشرين الأوّل من كلّ عام. في هذه المناسبة، نُسلّط الضوء على كنيسة تحمل اسمَيهما في بلدة بِجّة في مدينة جبيل اللبنانيّة.

تقع بلدة بجّة في قضاء جبيل - جبل لبنان، على ارتفاع يُقارب 650 مترًا عن سطح البحر. تتميّز بموقعها بين الساحل والجبال، وبطبيعتها الخضراء وهوائها المعتدل. يعود اسم هذه البلدة إلى اللغة السريانيّة ومعناه «الحدائق»، وهي منطقة غنيّة بالمياه. تزخر هذه البلدة بعدد من الكنائس، منها: مار يوسف في الرويس، وسيّدة المزرعة في ضهر صَريا، وسيّدة النجاة في الجهة الغربيّة، وسيّدة الانتقال في جبّ الملح، إضافة إلى كنائس مار عبدا، ومار إلياس، والقدّيسة تريزيا، ودير مار سابا المهدّم. وتضمّ هذه البلدة مواقع دينيّة أخرى، مثل ضريح القدّيسة إليزيه المحفور في الصخر. أمّا الكنيسة الأساسيّة التي يدور حولها البحث فهي كنيسة مار سركيس وباخوس الرعائيّة، وهي الكنيسة الرئيسة في القرية وتُنظَّم فيها احتفالاتٌ وقداديس منتظمة.

تتربَّع هذه الكنيسة في وسط البلدة، تحديدًا في حيّ المغيري، وشُيّدت على أنقاض كنيسة قديمة وصغيرة كانت تحمل الاسم نفسه. بُنيت الكنيسة على طراز كاتدرائيّة مار جرجس الواقعة في منطقة صربا، إنّما بحجم أكبر، ما استدعى تدعيم جدرانها من الخارج، فتُذكّر بالطراز الغوطيّ. يوجَد في هذه الكنيسة ذات الحجر الأصفر الصغير، بابٌ جديد كبير. ولهذه الكنيسة أيضًا ثلاثة مداخل. تعلو مدخلها الشماليّ لوحة رخاميّة كُتِبَ عليها: «المجد لله دائمًا». وقد أشرف على بنائها وخدمتها الأب بولس الأشقر، ابن بلدة بجّة الذي كان سابقًا خادمًا لرعيّة صربا.

بدأت أعمال البناء فيها عام 1892، واكتملت سنة 1927، واستغرق بناؤها وقتًا طويلًا بسبب الحرب العالميّة الأولى وما أنتجته من مآسٍ، إذ دوَّن الأب اليسوعيّ جوزف دولور على الجهة الخلفيّة لإحدى صور قرية بجّة كان قد صوّرها بعدسته: «في لبنان، ثلث السكّان ماتوا جوعًا في خلال الحرب الكبرى. وهناك قرى، خصوصًا في الجبال، مات فيها أكثر من الثلث. هذه القرية هي بِجّة، حيث لديّ مدرستان. قبل الحرب، كان عدد سكّانها حوالى 1000 نسمة، ولم يبقَ منهم سوى 500 بالكاد. أمّا الباقون فقد ماتوا، انظروا إلى منازلهم المُتهدّمَة».

نسألك يا ربّ في تذكار القدّيسَين سركيس وباخوس أن تُعلِّمنا على مثالهما كيف نشهد للإيمان الحقّ بكلّ جرأة.