دمشق, الاثنين 8 سبتمبر، 2025
لا تنظر المسيحية إلى الاستشهاد بوصفه هزيمة أو ضعفًا، بل تعدّه ذروة القوة الروحية وتجلّيًا للإيمان العميق بالنور «المسيح»، وإلهامًا للأجيال ليصيروا أبناءً للنور (يو 12: 36)... يجسِّد تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق هذا الإيمان خير تجسيد؛ فالحادثة التي خطفت أرواح مصلّين في يونيو/حزيران الماضي، رسّخت الرجاء والتحدي من خلال قصص ثبات ونجاح.
«يارا»، ابنة المهندس الشهيد معن كوسى، مدير البحوث الطرقية والمختبرات في وزارة النقل، حملت على عاتقها رسالة والدها، واستطاعت أن تحقّق مجموعًا شبه كامل في امتحان الشهادة الثانوية (238.1 من 240).
الأب الحاضر في الغياب
تصف يارا والدها عبر «آسي مينا» بأنّه كان مضحّيًا بكل ما يملك لأجلها ولأجل شقيقتها. يتابع دراستهما مِن قرب، ويوفّر لهما ما تحتاجان إليه على حساب نفسه وظروف البيت المادية. وفي عامها الدراسي الأخير، صار وجوده رفيقها اليومي في أوقات المذاكرة. وفي يوم التفجير طلبت منه أن يبقى معها ليواصل دعمها، لكنّه أصر على حضور قداس العزاء لأصدقاء العائلة… ولم يعد.
تقول يارا: «في البداية لم أستطع الدراسة بسبب الصدمة وكثرة الوافدين إلى بيتنا، لكنّ أبي زرع في داخلي فكرة أنّ التوقف عن الدراسة خسارة لا تعوَّض. كنت أسمع صوته يردّد: "يارا أنا أثق بكِ"، فشعرت بأن عليّ أن أكون على قدر ثقته».
في اليوم الثالث بعد التفجير، اتخذت يارا قرارها الحاسم: العودة إلى الدراسة. بدأت بمادة التربية الدينية المسيحية. لم يكن القرار سهلًا، لكنّها أدركت أنّ أيّ تراجع قد يضيّع عامها الدراسي.
سند العائلة
لم تكن يارا وحدها في هذه الرحلة، إذ التفّت العائلة حولها. أوقفت والدتها جزءًا من عملها لتبقى إلى جانبها، وغابت شقيقتها أحيانًا عن جامعتها لتدعمها حتى في أبسط تفاصيل الحياة اليومية. كان هذا الحضور العائلي حصنًا نفسيًّا يخفف ثقل الفقد ويدفعها إلى الاستمرار.
بابتسامة يغلبها الحنين، توجه يارا رسالة إلى والدها: «لقد حققتُ ما كنتَ تريده، ولم أخيّب ثقتك بي. سعادتي الحقيقية بهذا التفوق هو لعلمي بأنّك الآن فخور بي. سنبقى سندًا لبعضنا بعضًا، ونمضي بما علّمتنا إياه».
وتختم يارا أنّ طموحها يقودها إلى دراسة الطب البشري في سوريا. ومتى حالت الظروف دون ذلك قد تتابع دراستها في الخارج، حيث عُرضت عليها منحة للدراسة في اليونان.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته