العالم, الثلاثاء 26 أغسطس، 2025
تثير شفاعة القدّيسن إعجاب كثيرين وفضولهم أيضًا، كونها أحد المواضيع اللاهوتيّة الحسّاسة التي كثيرًا ما يُساء فهمها، بخاصّةٍ عند مقارنة العقيدة الكاثوليكيّة بعقائد أخرى. لذا، يبرز السؤال: ما دمنا نؤمن بوجود «َوَسِيط وَاحِد بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَان يَسُوع الْمَسِيح»، لماذا يتوجّه الكاثوليك إلى القدّيسين لطلب معونتهم؟
يكشف هذا السؤال عدم إدراك عمق الغنى اللاهوتيّ والروحيّ الذي تستند إليه هذه الممارسة العريقة الممتدة عبر القرون. فشفاعة القدّيسيين، رغم اختلافها عن شفاعة المسيح، تحظى بأسُس كتابيّة تؤكّد أنّها ليست اختراعًا بشريًّا، وفق ما أوضح الأب نويران ناصر الدومنيكي عبر «آسي مينا».
وبيّن أنّ لهذه الممارسة جذورها في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد؛ فإبراهيم شفع لأجل سدوم (تك 18: 22-33)، وموسى لأجل بني إسرائيل (خر 32: 11-14)، وبولس طلب الصلاة لأجل نفسه (رو15: 30) وأكّد أنّه يصلّي لأجل الآخرين (أف1: 16). فضلًا عمّا يكشفه سفر الرؤيا عن القدّيسين الذين يرفعون صلوات المؤمنين إلى الله (رؤ5: 8؛ 8: 3-4).
وأضاف: «تكشف هذه النصوص حقيقة أساسيّة: الشفاعة واقع قائم في مخطَّط الله الخلاصيّ. فالقدّيسون، بصفتهم أعضاء أحياء في جسد المسيح، يشاركون في عمل الشفاعة هذا. وهم، إذ بلغوا ملء الحياة في المسيح، صاروا أقرب إلى الله، وبالتالي يستطيعون أن يشفعوا فينا بفاعلية أعظم».
وأشار إلى أهمّية إدراك أنّ القدّيسين أحياء في المسيح؛ فنحن لا نطلب شفاعة أموات، كما يظن بعضهم، إذ «بحسب إيماننا الكاثوليكيّ المبني على الكتاب المقدّس، لا يقطع الموت الجسديّ الشَّرِكة مع المسيح».
واستشهد بكلمات ربِّنا في شأن قيامة الأموات: «اَلرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ. وَلَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ» (لو 20: 37-38). والقائل أيضًا وهو على الصليب للّص التائب: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ» (لو 23: 43).
وخَلص ناصر إلى أنّ القدّيسين الذين جاهدوا وأكملوا السعي وحفظوا الإيمان (2 تي 4: 7)، هم أحياء في حضرة الله، ويشتركون في مجده ويصلّون لأجل الكنيسة المجاهدة على الأرض (رؤ 5: 8).
تؤمن الكنيسة الكاثوليكيّة بأنّ يسوع المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والناس (1 طيموثاوس 2: 5)، لكنّها في الوقت عينه تُعلّم أنّ القدّيسين يشاركون في شفاعة ثانويّة ضمن جسد المسيح، من دون أن يُنقص ذلك شيئًا من شفاعة المسيح الفريدة.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته