العالم, الأحد 17 أغسطس، 2025
سنُحاول فهم هذه العبارة الغريبة «كلّنا إسرائيل» من خلال الكتاب المقدّس ومسيرة الخلاص بين الإله المبادِر والباحث عن الإنسان راغبًا في خلاصه، وردّ الإنسان بكلّ حرّية ووَعي على مبادرة إلهه، بين السير وفق مشيئة خالقه مختبرًا عدم كماله وحاجته إلى الاستناد على الكامل والقادر على منحه الكمال والخلاص، أو التمرّد وتنحية الله جانبًا، ولسان حاله يقول: أعرف كيف أحقّق مشيئتك من دونك، وهي الخطيئة الأصليّة.
شرح الأب منتصر حدّاد، راعي كنيسة مار توما للسريان الكاثوليك بولاية مشيغان الأميركيّة، في حديثه عبر «آسي مينا»، قصّة يعقوب بن إسحق الذي كان مثالًا للتمرّد، بسعيه إلى اغتصاب البركة الموعودة لإبراهيم ونسله والمتوارثة من الأب إلى الابن الأكبر، ليجيء منه ابن الوعد، مسيئًا فهم كلام الربّ: «كَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ».
بينما يستعدّ عيسو الأكبر لنيل البركة المؤكّدة، يسعى يعقوب الذي أعقب توأمه عيسو، إلى اغتصابها، ناسيًا قدرة صاحب الوعد على منح بركته إلى الموعود بها، بكرًا كان أم عَقْبًا، وفق مشيئته وليس وفق مشيئة يعقوب ومقاييسه ومخطّطاته البعيدة مِن الانفتاح على مشيئة الله، فأضاعته كما تضيّعنا نحن أيضًا.
وتابع حدّاد: «متناسيًا أنَّ جهلَه ومحدوديّة تفكيره واستهانته ببكوريّته أسقطته في شرك الخديعة، يسعى عيسو الغاضب إلى قتل يعقوب الهارب، فيتغيّر مسار القصّة، ليختفي صوت الله من حياة يعقوب السائر بحسب مشيئته، لا بحسب مشيئة الله الصامت والمراقب. فالله لا يفرض نفسه علينا حينما نزيحه ونرفضه، كيعقوب، بل يبقى سائرًا معنا حتى ننفتح على عطيّته ونُعيده إلى حياتنا».
واسترسل: «يقع يعقوب المخادِع ضحيّة خداع خاله، ويوقعه عناده في مشكلات توصله إلى نقطة اللاعودة، ليصبح لقاء عيسو حتميًّا، فيتجلّى أمامه ضعفه ومحدوديّته وحاجته إلى قوّة تسنده ليكمل مسيرته».
يصارع يعقوب رجلًا غير عاديٍّ يمثِّل الله طوال الليل، يضربه الرجل ويخلع وركه فيشعر بضعفه. «لا أصرفك أو تباركني»، هنا يطلب يعقوب البركة وهو ضعيف، بالطريقة التي يريد الله أن يمنحه إيّاها، مدركًا أنّ البركة تمنح ولا تُنتَزَع، بحسب حدّاد.
«لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ»
قبل أن يُسمّيه «إسرائيل»، ولينتزع اعترافًا صريحًا من يعقوب بكونه الذي يعقب، يسأله الرجل عن اسمه، ليُفهمه قدرة الله على منح بركته، وفق مشيئته، لمختاره وإن كان ثانيًا. فأفكاره ليست أفكار البشر التي سبّبت صراع البكوريّة والأولويّة، بل يُسيّر مخطّطه الخلاصيّ وفق مشيئته.
كلّنا إسرائيل، ليس من المنظور السياسيّ قطعًا، بل من منظور إيماننا وعلاقتنا بالله، حينما نقاوم الله والناس ونحاول تسيير مسيرة الخلاص وفق مشيئتنا، معتقدين أنّنا محور الكون وعلى الجميع تباعتنا، حتّى الله! سنكون حينها إسرائيل.. فهل سنعرف كيف نتغيّر على مثال يعقوب وننفتح على عطيّة الله؟
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته