الذكاء الاصطناعيّ خطرٌ صامت يهدّد الصحّة النفسيّة

بيروت, الجمعة 18 يوليو، 2025

ربى بشارة متخصّصة وباحثة في علم النفس العياديّ، تطلّ عبر «آسي مينا» لتُخبرنا عن تحدٍّ مُلحّ يتمثّل في الاختراق السريع الذي يحقّقه الذكاء الاصطناعيّ في مجالات كثيرة، وتحدّثنا عن مدى تأثيره في الصحّة النفسيّة.

تقول بشارة: «أحدَثَ التقدُّم السريع في مجال الذكاء الاصطناعيّ تحوّلات شتّى في جوانب مختلفة من حياتنا؛ إذ كان الناس في الأمس يعتمدون على الكتاب والقلم والورقة، والتفسير المباشر للمُعلِّم، والتفاعل معه في خلال الدرس، وكذلك مع الأهل في البيت. وهذا الأمر كان يساعد في تطوير قدراتهم على التحليل والتفاعل الحسّيّ والنظريّ. حتّى العاطفة كانت موجودة في خلال التدريس».

وتردِف: «اليوم تبدَّل المشهد، وفُقِدتْ هذه العاطفة لأنّ الذكاء الاصطناعيّ عاجز عن منحها. وهذه الوقائع تؤثّر سلبًا في عمليّة التواصل، إذ بات الإنسان يشبه الآلة، يُترجِم بطريقة ببّغائيّة، وبمرور الوقت لا ندري ما ستكون مخاطر هذا الأمر على الذاكرة، وعلى حجم الدماغ، نتيجة عدم استخدامه في إطاره الصحيح وفي مختلف الأنشطة التي تتطلّب التركيز وتوظيف المهارات».

«تيك توك» وتأثيراته

وتُوضِح: «أظهَرَ عدد من الدراسات والأبحاث أنّ تطبيق تيك توك هو الأسوأ بين وسائل التواصل الاجتماعيّ لناحية تأثيراته السلبيّة في الصحّة النفسيّة والعقليّة. هذا التطبيق يركّز إلى حدّ كبير على الصورة، ويبدو أنّه يُعزّز مشاعر النقص والقلق والتوتّر لدى الشباب، إذ يُقارنون أنفسهم بالآخرين بصورة هدّامة».

وتُتابِع: «الاستخدام المفرط للذكاء الاصطناعيّ يثير مشكلات عدّة، منها: فقدان المهارات التحليليّة، تراجع القدرة على تشكيل الذاكرة والتفكير السياقيّ، تدهور مهارات المحادثة مع الآخَر، التأثير سلبًا في النوم والعمل والمسؤوليّات الدراسيّة، وخَلْخَلة وسائل التواصل والاتّصال مع المحيط والأحبّاء».

صدمات الحرب

وتشرح: «ثمّة واقع جديد في مجال الحروب يتمثّل باستخدام الذكاء الاصطناعيّ، ويُثير ذلك مخاوف لا يُمكن الاستهانة بها. وقد رأينا في الحرب الأخيرة على لبنان كيف استُخدِمت التكنولوجيا في شكلٍ ينتهك الأعراف الإنسانيّة كلّها، إذ نفِّذت عمليّات تجسّس مخيفة أدّت إلى اختراق خصوصيّات الناس عبر هواتف محمولة وغيرها من الأجهزة».

وتزيد: «هذا الواقع يُشكّل اغتصابًا لخصوصيّات الناس، وهو استِعباد لكياننا وأفكارنا وحتّى لأجسادنا، وتهديد لوجودنا. ومن المؤكّد أنّه شكَّلَ صدمةً قويّة لدى الناس بقيت في منطقة اللاوعي لديهم، وهذا أمر مخيف».

وتختِم بشارة: «رغم تبدُّل المشهد بين الأمس واليوم، وسط التطوّر والاختراعات، ورغم المخاطر التي يُنتِجها الذكاء الاصطناعيّ، إلّا أنّه لا يمكننا تجاهل ما يُقدِّمه من فوائد في عدد من المجالات والقطاعات، منها على سبيل المثال لا الحصر الصناعة والتجارة والطبّ».