أربيل, الجمعة 30 مايو، 2025
اختار لوقا أن يضع قراءة يسوع لنبوءة إشعياء (إش 61) في مَجْمَع الناصرة (لو 4: 16- 21) بوصفها انطلاقةً لرسالته العلنيّة، مؤكّدًا أهمّية هذا الحَدَث البرنامجيّة، وقاصدًا تعليمنا أنّ سنة اليوبيل ليست مجرّد تقليدٍ قديم، بل فرصة تعكس حنان قلب الله ورغبته في تحقيق العدل، والرحمة، والاستعادة، وهي كلّها أمور تجد إتمامها النهائيّ في المسيح.
يوضح راعي إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة المطران بشّار متّي وردة في حديثه لـ«آسي مينا» أنّ يسوع، عَبْر قراءته هذه في مَجْمَع الناصرة، أعلنَ هويّته بوضوح، هو الماشيحا، الممسوح من الله، والمُرسَل ليبشِّر بالخلاص والحرّية والغفران، لتحرير الإنسان من الخطيئة، فـ«مَن يَرتَكِبُ الخَطيئَة يَكونُ عَبدًا لِلخَطيئَة» (يو 8: 34).
زمن التحرير الشامل
أكّد لوقا منذ البداية أنّ رسالة يسوع ليست لليهود فحسب، بل للعالم أجمع، وفق ما يُبيّن وردة، شارحًا أنّ «طريقة اقتباس لوقا من إشعياء تكشِف عن مفهومه لسنة اليوبيل، إذ يشدِّد على أنّ اليوبيل هو زمن تحريرٍ شامل، لا يقتصر على التحرير الاجتماعيّ أو الاقتصاديّ، بل يمتدّ إلى التحرير الروحيّ العميق».

ويضيف وردة: «أعلن ربُّنا أنّ هذه النبوءة قد تحقّقت فيه، بإعلانه "سَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ"، وهي إحالةٌ مباشرة إلى سنة اليوبيل التي ترمز إلى التحرير والاسترداد. بهذا الإعلان، وضع يسوع إطارًا لخدمته التي تقوم على تحرير الإنسان من قيود الخطيئة والظلم، فهذه كانت وما زالت رغبة الله في أن يبقى الإنسان حُرًّا من أشكال العبوديّة كلّها، فهذه هويّته الحقيقيّة ليبقى شريكًا في التدبير الخلاصيّ».
ما الذي يرضي الرّبّ؟
ويُتابع وردة: «أعقَب لوقا اقتباسه عبارة "ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ" بعبارة "وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ" المقتَبَسة من إصحاحٍ آخر في إشعياء (إش 58: 6) يتحدّث عن الصوم الذي يُرضي الربَّ: "حَلّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاق الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْع كُلِّ نِيرٍ"، في إشارةٍ واضحة إلى أنّ سنة اليوبيل يجب أن تكون سنة تحرير».
ويلفت إلى أنّ إضافة لوقا الإنجيليّ هذه العبارة جاءت «ليُبرز أنّ عمل يسوع لا يقتصر على إعلان الخلاص، بل على تحقيقه فعليًّا، وأنّه للعالم أجمع. لذلك، رفض يسوع الموقف الامتلاكيّ لأهلِ الناصرة، ما أثارَ استياءهم العميق، وامتلأوا غضبًا وسعوا إلى قتله، في إشارةٍ مبكِّرة إلى المصير الذي سينتظره لاحقًا في أورشليم».
ويختم وردة قائلًا إنّ هذا الحدث هو جوهر رسالة يسوع الذي لم يأتِ ليخضع لمفاهيم عالمنا الضيّقة، بل ليُعلنَ الخلاص للجميع، فواجه الرَّفض من مَجْمَع الناصرة إلى صليب الجلجلة، لكنّه ظلّ أمينًا لدعوته، مقدِّمًا بشارة التحرير والتوبة ومغفرة الخطايا للأمم كلّها.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته