الإخوة الثلاثة المسابكيّون… صرخة إيمان حتى الاستشهاد

الإخوة الثلاثة المسابكيّون-صورة الإخوة الثلاثة المسابكيّون | Provided by: Guitta Maroun/ACI MENA

تدعونا مشهديّة استشهاد الإخوة الثلاثة المسابكيين، وهم: فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل إلى التأمّل في إيمانهم الراسخ بالمسيح والعمل على تزويد بصيرتنا بفضائلهم الروحيّة. تميّزوا في محيطهم بتقواهم ووفرة غناهم وكرم أخلاقهم وحسن معاملتهم وعطفهم على الفقراء والمحتاجين ومحبّتهم لهم. كان الإخوة المسابكيّون من عامّة مجتمعهم. ذهبت بهم أمانتهم للربّ حتى الاستشهاد إذ إنهم آثروا حبّه على ثروة الدنيا.

وتخبرنا رواية استشهادهم أنّ يوم ثار المسلمون في دمشق والدروز في جنوب لبنان على المسيحيين في العام 1860، لجأ شهداؤنا، مع عدد كبير من المسيحيين، إلى دير الرهبان الفرنسيسكان في دمشق، ولحظة أشعل المسلمون النيران في الحيّ المسيحيّ، اضطرّ اللاجئون مع الرهبان للدخول إلى الكنيسة. سجدوا للربّ وصلّوا بعمق، كما اعترفوا بخطاياهم، ومن ثمّ تناولوا القربان المقدّس، وبعدها ظلّ فرنسيس وحده في الكنيسة، جاثيًّا يصلّي بكلّ حرارة وخشوع أمام تمثال أمّنا مريم العذراء. وبعد منتصف الليل، دخل عليهم قوم من المتطرّفين بقوّة السلاح، أصحاب القلوب السوداء. وفي ظلّ هذا المشهد المرعب، خاف اللاجئون ولاذ بعضهم بالفرار واختبأ البعض الآخر. وهرع الباقون إلى الكنيسة ليحتموا فيها. فأخذوا يصرخون: «أين فرنسيس مسابكي؟ إنّنا نطلبه». حضر فرنسيس واقترب منهم بكلّ شجاعة، قائلًا لهم: «أنا فرنسيس مسابكي، ماذا تريدون منّي؟» أجابوه: «جئنا كي ننقذك وذويك، لكن شرط أن تنكروا إيمانكم المسيحيّ، وتعتنقوا الإسلام، وإلّا ستهلكون جميعكم». أجابهم فرنسيس: «إنّنا مسيحيّون وعلى دين المسيح نموت... إننا نحن معشر المسيحيين لا نخاف الذين يقتلون الجسد، كما قال الربّ يسوع».

ثمّ نظر إلى أخوَيْه، وقال لهما: «تشجّعا واثبتا في الإيمان، لأن إكليل الظفر معدّ في السماء لمن يثبت إلى المنتهى». وعلى الفور، أعلنا إيمانهما بالربّ يسوع بهذه الكلمات: «إنّنا مسيحيّون ونريد أن نحيا ونموت مسيحيين». وبعدما حصد المضطهدون الفشل في عمليّة جعل الشهداء ومن كان معهم ينكرون دينهم، لم يبقَ أمامهم غير قتلهم، فانهالوا عندئذٍ عليهم بالضرب بعصيّهم وخناجرهم وفؤوسهم، حتّى أسلموا أرواحهم الطاهرة بين يديّ الربّ، معانقين الحياة الأبديّة. ولا تزال أعضاؤهم محفوظة في كنيسة الموارنة في دمشق. وطوّبهم البابا بيوس الحادي عشر في 10 أكتوبر/تشرين الأوّل 1926.

إذًا، بعد هذه الوقفة التأمّليّة في مشهد استشهاد الإخوة الموارنة الثلاثة المسابكيين، وهم الذين أصبحوا بصمة نورانيّة في الوجدان المسيحيّ، نسألك يا ربّ، أن تثبّت فينا جذور كلمتك المقدّسة كي نشعّ حرارة الإيمان والتقوى في حياة كلّ من نلتقي به، وأن تزرع فينا روح الشجاعة ساعة التجربة، ونحن نصرخ مع الشهداء الثلاثة، قائلين: «إنّنا مسيحيّون، نحيا ونموت والمسيح سرّ فرحنا وانتصارنا الأبديّ!»

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته