الرجاء صرخة إيمان في وجه التجارب الأليمة

الرجاء-صورة الرجاء | Provided by: Pixabay

جاء في الكتاب المقدّس: «فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ. وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنا» (الرسالة إلى أهل رومية 5 / الآية:2-5).

ننطلق من هذه الآيات لنعبر نحو معانقة سرّ الرجاء الحقيقيّ. لا شكّ أنّ الإيمان بالمسيح يخلق في داخلنا وسط المعاناة مساحة من الصّبر. كما أنّ الصّبر بدوره يقوّينا ويشدّنا صوب تسليح الذّات بنعمة الرجاء. ومن ثمّ، نؤكّد أنّ محبّة المسيح التي فاضت بحياتنا بقوّة نعمة الرّوح القدس هي السرّ الأكبر في بلوغنا فرح الرجاء.

وفي التّأمّل أكثر في فضيلة الرجاء، نشهد أنّ الكثير من الأدباء والمفكّرين تحدّثوا عن أهميّة التّحلّي بها. فنرى أن قصائد الشّاعر إيليا أبو ماضي تزخر بالتفاؤل والإقبال على محبّة الحياة بإسباغ جمال الوجود، وحثّ البشر على أهميّة عيش فرح الرجاء. وهذه بعض السطور من قصيدة «كم تشتكي»:

«كم تشـــــتكي وتقول إنك معدم

والأرض ملكك والسما والأنجم

ولك الحقول وزهرها وأريجها

ونـــســـيمها والبلبل المترنّم

والماء حولك فضــة رقراقة

والشمــس فوقك عسـجد يتضــرم

"أحبابنا ما أجمل الدنيا بكم

لا تقبحوا الدنيا وفيها أنتم».

كما يشدّنا الشّاعر محمود درويش في حثّه الآخر على خلق الأمل والرجاء رغم كلّ التحديات: «لا تصف ما ترى الكاميرا من جروحك واصرخ لتسمع نفسك واصرخ لتعلم أنك ما زلت حيًّا وحيًّا وأن الحياة على هذه الأرض ممكنة، فاخترع أملًا للكلام، ابتكر جهة أو سرابًا يُطيل الرجاء وغنِّ فإن الجماليّة حرّيّة، أقول: الحياة التي لا تُعرف إلا بضدّ هو الموت ليست حياة».

ومن ثمّ، يقول أحمد بن عطاء الله السكندري، وهو من علماء الصّوفيّة: «الرجاء ما قارنه عمل، وإلا فهو أمنية».

وبعدها يعبّر الشّاعر بشار بن برد عن واقعه الأليم بصرخة يتمثّل فيها رجاؤه القويم والمنسوج بعزة النّفس، فيقول: «وعيّرني الأعداء والعيب فيهم ... وليس بعار أن يُقال ضرير، إذا أبصر المرء المروءة والتقى... فإن عمى العينين ليس يضير، رأيت العمى أجرًا وذخرًا وعصمة... وإني إلى تلك الثلاث فقير».

إذًا، بعدما استعرضنا هذه الآراء حول الرجاء، نسألك يا ربّ أن تعلّمنا كيفيّة تحصين الذّات بفضيلة الرجاء. كما نسألك أيضًا وسط المحن أن تجعلنا نشهد أنّ الرجاء هو السلاح الأقوى في وجه آلام الحياة، وأنّ الإيمان يبقى الحجر الأساس في بناء هيكله الممتدّة جذوره نحو السماء...

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته