السقيلبيّة الروميّة في سوريا... حرّية دينيّة يشوبها استقرار هشّ

كاتدرائيّة القدّيسَين بطرس وبولس في السقيلبيّة، سوريا كاتدرائيّة القدّيسَين بطرس وبولس في السقيلبيّة، سوريا | مصدر الصورة: مجلس رعيّة كنيسة الروم الأرثوذكس في السقيلبية

في مدينة السقيلبية السورية، لا تزال الأجراس تُقرع كلّ أحد معلنةً استمرارية الحضور المسيحي الرومي فيها، رغم التحديات التي فرضتها الحرب الطويلة والهجرة الممتدة لأكثر من عقد. فما حال مسيحييها اليوم؟

أوضح مصدر كنسي محلّي عبر «آسي مينا» أنّ موجة الهجرة من السقيلبية بدأت قبل ثلاثة عشر عامًا، وبلغت ذروتها عام 2015. وبعد التغيير السياسي في البلاد انخفضت وتيرتها لا بسبب عدول مسيحيي المدينة عن الهجرة، بل بسبب تشدد الدول الغربية في استقبال اللاجئين بما فيها طلبات لمّ الشمل.

وبيّن المصدر أنّ السقيلبية قبل الحرب كانت مدينة مسيحية بالكامل، يقارب عدد سكانها الـ16 ألف نسمة. أما اليوم، ومع غياب الإحصائيات، فيُقدّر بقاء ثلاثة أرباعهم، في حين يشكّل النازحون المسلمون الذين لجؤوا إلى المدينة منذ العام 2011 نحو 35% من عدد سكانها الحاليين.

كاتدرائيّة القدّيسَين بطرس وبولس في السقيلبيّة، سوريا. مصدر الصورة: مجلس رعيّة كنيسة الروم الأرثوذكس في السقيلبية
كاتدرائيّة القدّيسَين بطرس وبولس في السقيلبيّة، سوريا. مصدر الصورة: مجلس رعيّة كنيسة الروم الأرثوذكس في السقيلبية

الحرّية الدينيّة والاجتماعيّة

شدّد المصدر على أنّ مسيحيي السقيلبية يمارسون شعائرهم الدينية بلا مضايقات، لكنّ هناك جوًّا من عدم الارتياح. وشرح: «لم تُسجل أيّ حادثة قتل لمسيحي في السقيلبية. ما يحدث من سرقات أو مشكلات يبقى في إطار محدود ولا يحمل دوافع دينية. من جانب آخر، ازدادت المظاهر الإسلامية، لكن لا مفروضات علينا في اللباس أو العبادة، والدولة تتعامل بحزم مع أيّ تجاوز. بعض السوريين يضخّم أيّ إشكال بسيط لتبرير رغبته في الهجرة». وأكد أنّ الإدارة المحلّية ما زالت في أيدي أبنائها المسيحيين.

وعن إغلاق كنيسة آيا صوفيا، كشف المصدر أنّ «القرار لم يصدر عن الدولة بل عن الكنيسة نفسها، إذ إنّ المبنى أشبه بمزار صغير (أو كابيلا) يقع خارج حدود المدينة، لم تكن تقام فيه قداديس الأحد، بل مناسبات محددة كالعمادات والأكاليل. وبعد تعرضه للسرقة والتخريب عقب التحرير، قررت الكنيسة إغلاقه موقتًا ونقل محتوياته، وفي حال عودة الأمان الكامل يمكن إعادة فتحه».

كاتدرائيّة القدّيسَين بطرس وبولس في السقيلبيّة، سوريا. مصدر الصورة: مجلس رعيّة كنيسة الروم الأرثوذكس في السقيلبية
كاتدرائيّة القدّيسَين بطرس وبولس في السقيلبيّة، سوريا. مصدر الصورة: مجلس رعيّة كنيسة الروم الأرثوذكس في السقيلبية

الأوضاع المعيشيّة والرؤية للمستقبل

أشار المصدر إلى أنّ الوضع الاقتصادي في السقيلبية يشبه حال البلاد كلّها: «خرجنا من حرب طويلة أنهكتنا، لكنّ المغتربين باتوا يشكّلون سندًا حقيقيًّا لأهلهم من خلال إرسال الأموال. كذلك لم يُطرد المسيحيون من وظائفهم الحكومية (باستثناء نسبة قليلة جدًّا)، كما أنّ الرواتب تحسّنت نسبيًّا لكنّها تبقى غير كافية».

وختم المصدر: «أرى أنّ الأمور تتجه نحو التحسّن. صحيح أنّ هناك حوادث متفرقة في مناطق سورية أخرى، لكنّنا في السقيلبية نعيش بأمان مقبول. ما نريده هو أن نحيا بسلام وكرامة».

يُذكر أنّ السقيلبية شهدت هذا الأسبوع توترًا أمنيًّا في إثر اعتداء مسلحين على عدد من الأهالي، تبعته حملة أمنية لملاحقة المعتدين الذين كانوا يستقلون دراجات نارية. كما وقعت محاولة خطف الصائغ مازن سنكري في أثناء ممارسته الرياضة صباح أمس لكنّها باءت بالفشل.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته