في ذكرى ميلاده... عطر قداسة شربل يفوح في العالم

فسيفساء للقدّيس شربل مخلوف في كاتدرائيّة القدّيس باتريك بولاية نيويورك الأميركيّة فسيفساء للقدّيس شربل مخلوف في كاتدرائيّة القدّيس باتريك بولاية نيويورك الأميركيّة | مصدر الصورة: Caroline Perkins/ChurchPOP

تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار ميلاد القدّيس شربل في 8 مايو/أيّار من كلّ عام؛ هو من عاش الصلاة والتأمّل والتقشّف، فكان مثالًا للراهب المطيع لقوانين رهبانيّته. بهذه المناسبة، يطلّ عبر «آسي مينا» الأب د. حنّا اسكندر من الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، ليُخبرنا عن هذا القدّيس الناسك والمتواضع الذي يفوح عطر قداسته في العالم أجمع.

يقول إسكندر: «أحبَّ شربل المسيحَ بكلّ قوّته، إلى حدّ الذوبان بمحبّته ومحبّة أخيه الإنسان. وحين كان أحد إخوته الرهبان يُصاب بمرض، كان شربل يسهر بجواره الليل بكامله، يصلّي معه ويُعرِّفه ويخدمه بكلّ حنان وتجرّد، ولا يتركه أو يبتعد عنه إلّا في وقت صلاته».

الأب د. حنّا اسكندر. مصدر الصورة: الأب د. حنّا اسكندر
الأب د. حنّا اسكندر. مصدر الصورة: الأب د. حنّا اسكندر

ويزيد: «كان شربل أيضًا يذهب لزيارة العلمانيّين، يصلّي لأجلهم ويُعرِّفهم ويتحدّث معهم. وفي لحظات صلاته على نيّة المتألّمين، كان يفعل ذلك وكأنّه يرفع الصلاة على نيّة نفسه المتألّمة. وقد تميّز شربل بتواضعه وبساطة قلبه، فلم يكن يسمح لأحد بأن يُقبِّل يده، واشتهر بتقديمه المساعدة للعُمّال المُرهَقين».

ويكشِف: «في إحدى الليالي، هرب شربل من دير ميفوق، بعد محاولة إحدى النساء التحرّش به، فوصل إلى دير مار مارون في عنّايا، وروى للأب إليشاع الحرديني ما حصل له، فتفهَّم هذا الأخير شربل، واحتضنه وأحبّه كثيرًا. وبعدها أرسل مكتوبًا إلى أخيه نعمة الله الحرديني الذي كان وقتها مدبّرًا لدير ميفوق، وشرح له ما حدث للراهب القدّيس. وبعدها أكمل شربل رسالته الكهنوتيّة في دير مار مارون في عنّايا».

ويُضيف إسكندر: «حين عاش إليشاع ناسكًا في محبسة، طلب من رئيس الدير العام أن يُرسِل شربل إلى محبسه. لكنّ طلبه قوبل بالرفض لأنّ شربل كان عاملًا نشيطًا ويحتاجون إليه كثيرًا. إنّما بعد أن حصلت آية السِّراج مع الراهب القدّيس وأثارت دهشة الرئيس العام، توجّه إلى شربل سائلًا إيّاه: "أتريد يا شربل الذهاب إلى المحبسة لخدمة الحبيس؟"، فأجابه القدّيس: "أنا قد بعتُ إرادتي، افعل كما تُريد"».

بيت أهل والدة القدّيس شربل في منطقة الخالديّة، وقد تحوَّل إلى كنيسة بعد ترميمه. مصدرالصورة: كتاب «القدّيس شربل مِن مُعاصريه إلى عصرنا» للأب حنّا اسكندر
بيت أهل والدة القدّيس شربل في منطقة الخالديّة، وقد تحوَّل إلى كنيسة بعد ترميمه. مصدرالصورة: كتاب «القدّيس شربل مِن مُعاصريه إلى عصرنا» للأب حنّا اسكندر

ويؤكّد: «بعد أن طُلِبَ من شربل الدخول إلى المحبسة، خدم هناك الأب إليشاع بأمانة ومحبّة. وبعد موت الأخير، أمر الرئيس العامّ شربل بأن يُصبح حبيسًا، فراح يُخصّص وقته للصلاة والتأمّل والتقشّف، وكان يعمل في الفرن ويأكل الخبز المحروق، ويعمل أيضًا في الحقل دون أن يهاب البرد والصقيع، فاشتعل قلب شربل عشقًا ليسوع الذي سكن أنفاسه ونبض في عروقه».

ويردِف: «في سنوات الابتداء، لم يكن شربل يأكل إلّا عندما يُنادى. لكن في أحيان كثيرة كان يُمضي أيّامًا بلا طعام لأنّه لم يُنادَ، ليقع بعدها أرضًا من شدّة الجوع، فيتبيَّن أنّه لم يأكل منذ أيّام عدّة، لأنّ المبتدئين لا يأكلون إلّا عندما يُطلب منهم الجلوس إلى المائدة. ورفض شربل أيضًا رؤية أمّه وأخته، لأنّ قانون الرهبنة ينصّ على "منع الرهبان من رؤية النساء، حتّى القريبات". وهكذا يكون شربل قد ترجم قداسته من خلال الطاعة المطلقة لقوانين رهبانيّته».

ويختِم إسكندر: «أبونا شربل ردّد باستمرار: "أنت قدّيس بالقوّة، الله دعاك إلى القداسة، اجتهِد حتّى تصير قدّيسًا بالفعل"».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته