من الألم إلى القيامة... لاهوتيّ يشرح كيفيّة عيش الأسبوع العظيم

حجّاج يصلّون في كنيسة القيامة-القدس حجّاج يصلّون في كنيسة القيامة-القدس | مصدر الصورة: OPIS Zagreb/Shutterstock

جوني ملحم، شاعر لاهوتيّ حائز شهادة دراسات عليا في الفلسفة واللاهوت. كتب عددًا كبيرًا من التأمّلات والترانيم الملحَّنَة ومن منشوراته كتاب «عطش حياة».

يطلّ اليوم عبر «آسي مينا» لِيُخْبِرنا مع اقتراب الأسبوع المقدّس عن آلام المسيح وصلبه وموته، وعن كيفيّة تخطّي المسيحيّ حدود التديُّن الموروث، ليغدو شاهدًا حقيقيًّا على فرح القيامة.

كي لا يصبح الفصح مجرّد احتفال

قال ملحم: «كي لا يصبح عيد الفصح مجرد ذكرى واحتفال، وكي لا يغدو بعيدًا كلّ البعد عن جوهره الحقّ، لا بدّ من لقاء المسيح. هو يملأنا بالنور، فننتقل معه من قشور التديُّن الموروث إلى بصيرة الإيمان المختبَر، في مسيرة نضوج وحياة لا تنتهي».

وشرح: «كما تعرَّفَ بولس الرسول إلى المسيح، في طريقه إلى دمشق، هكذا نحن أيضًا مدعوّون للتعرُّف إليه. لأنّه، وهو المُنزّه عن الألم، أحبّنا "وأخلى ذاته، من أجلنا مُتَّخذًا صورة العبد، وأطاع حتى الموت، موت الصليب" (فيليبي 2: 6)، لكي يحمل عنّا خطايانا ولعنة الموت. فتدفعنا حقيقة الحبّ المتجسّد والمتألّم، إلى عدم الخوف من ضعفنا: "فإنّي بالأحرى أفتخر راضيًا بحالات ضعفي لتحلّ بي قدرة المسيح" (2 قورنتوس 12: 9)».

المسيح غيّر مفهوم الألم

تابع ملحم: «لم يأتِ يسوع إلى العالم لِيُزيل الألم، بل ليُغيِّرَ مفهومه بموته على الصليب، وأصبح علامة حبّ وفِداء. فـ"ليس لأحد حبّ أعظم من أن يبذل حياته في سبيل أحبّائه" (يوحنا 15: 13)».

وتابع: «لكي يتغيّر وجه آلامنا، يجب أن نستقبلها باسم يسوع المسيح، أي أن نتمتّع بفكر المسيح الذي مات لأجلنا. وهكذا يصبح الألم وسيلة اتّحاد بالمسيح وليس مساحة هروب أو نكران. فالربّ الذي أحبّنا ونحن خطأة، قادر بقيادة روحه ونعمة عمله فينا، أن يجعلنا نحبّ على مثاله ونبذل ذاتنا في سبيل أحبّائنا».

من القبور إلى القيامة

أضاف ملحم أنّ الملاكَيْن قالا للنسوة يوم قيامة المسيح: «لماذا تبحثنَ عن الحيّ بين الأموات؟ إنّه ليس ههنا، بل قام» (لوقا 24: 5-6). «فالمؤمن الذي يَتَّحِدُ بالمسيح في آلامه وموته، يَتَّحِدُ به في قيامته، متمّمًا في جسده ما نَقصَ من آلام المسيح»، على حد تعبير ملحم.

وزاد: «نعم هو نفسه يدرك أنّ المسيح حيّ فيه، ومعه يصبح الموت مجرد انتقال وربح. ذاك الذي لم يستطع أن يحويه قبر، وهو الذي يحوي الكلّ في قلبه. فالمؤمن الذي يعي هذه الحقيقة، يتمكّن من أن يُبْصِرَ بعيون الإيمان حضور المسيح وعمله في حياته».

وختم ملحم حديثه إلى «آسي مينا» مفسّرًا: «ماذا سيحدث غدًا؟ لا يعرف المؤمن. لكنّه يعلم، أنّ حين اكتمال كلّ شيء، سيرى المسيح. ماذا سيحصل غدًا؟ لا يعرف، إنّما يعلم أنّه لحظة اكتمال صورته الإنسانيّة، سيصبح على صورة المسيح، هذه هي عظمة الإنسان الجديد، هذا أنت وهذا أنا».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته