باكستان: قضيّة اتهام بالتجديف تثير موجة من الذعر بين المسيحيين

باكستان مسيحيّون باكستانيّون يحتجّون على الحكومة من أجل الحفاظ على حقوقهم | Provided by: Irish Catholic/Pinterest

تعرّضت امرأة باكستانيّة مسيحيّة للتهديد من زميل مسلمٍ لها في العمل أراد اتّهامها بالتجديف زورًا. وأثارت هذه القضيّة موجة كبيرة من الذعر لدى مسيحيّي باكستان الذين ما زالوا يعيشون في خوفٍ دائم جرّاء اتّهامات جائرة غالبًا ما يتعرّضون لها.

سامينا مشتاق، مواطنة باكستانيّة مسيحيّة تعمل مسؤولةً عن الأمن ضمن قسم الشحن في مطار «جناح» الدولي في كراتشي، أكبر مدينة في باكستان، نشب نزاع بينها وبين زميلها المسلم سليم في أثناء أدائها عملها.

في 7 يناير/كانون الثاني الحالي، كانت سامينا تؤدّي عملها عندما طلبت من أحد سائقي السيّارات إخراج سيّارته من ساحة الانتظار لأنه لم يكن يحمل بطاقة تخوّله ركنها، ما أثار غضب زميلها سليم ودفعه إلى تهديدها بقضيّة تجديف، قائلًا لها إنه سيتّصل بالزعماء المسلمين المتشدّدين الذين سيلقّنونها درسًا لن تنساه، فسألته سامينا: «لماذا تهدّدني بذلك، وأنا أؤدّي عملي كما يجب وبحسب القوانين؟».

تحدّثت سامينا إلى وسائل الإعلام لتشرح ما جرى لها، بعد نشرها فيديو صوّرته في أثناء تعرّضها للتهديد من جانب زميلها. وقالت: «عندما بدأ سليم يتجادل معي، طالبًا منّي أن أترك سائق السيّارة وشأنه وإلّا فسيتّهمني بالتجديف، فتحتُ كاميرا هاتفي المحمول وسجّلت الواقعة بكاملها، وأرسلت الفيديو إلى المسؤولين في القسم لكنهم لم يتّخذوا أيّ إجراء سريع، فعَمَدْتُ إلى تحميله على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا».

وأضافت: «أشكر الله لأن هاتفي كان بين يديّ في ذلك الوقت، فهو دليل على براءتي، ولولاه لكنتُ الآن في السجن بتهمة التجديف. لقد تعرّضتُ للاضطهاد والتمييز بسبب ديانتي المسيحيّة في الماضي». وتابعت: «على الرغم من براءتي، لم يُسمح لي بمشاركة فيديو الواقعة عبر مجموعات الواتساب الخاصّة بأخبار الطيران المدني، ومنعوني من الانضمام إليها أيضًا».

كما عبّرت سامينا عن حزنها الشديد بسبب تأخّر مسؤولي القسم في المطار عن التحرّك، قائلة: «لم يُتّخذ أيّ إجراء بحقّ سليم إلى أن تدخّل الرئيس الباكستاني السابق آصف علي زرداري، رئيس حزب الشعب الباكستاني، عندها اتّخذت هيئة الطيران المدني قرارًا بفصل سليم موقّتًا ليبدأ التحقيق معه. وحتى الآن، لم تُصدر لجنة التحقيق تقريرها بشأن القضيّة».

ماذا يقول الاختصاصيّون الاجتماعيّون؟

أثارت هذه القضيّة الذعر في نفوس المواطنين المسيحيين في باكستان، خصوصًا بعد ما حدث مع عضو مجلس الشيوخ الباكستاني أنور لال الدين الذي أقدم شخص مجهول الهويّة على رشق سيّارته بحجارة عند زيارته سامينا في منزلها.

وتعليقًا على هذه القضيّة، دعا الاختصاصي الاجتماعي الكاثوليكي زاهد فاروق الشعب المسيحي إلى رفع الصوت والاحتجاج لدفع الحكومة إلى اتّخاذ خطوات ملموسة ووقف اتّهامات التجديف الجائرة في حقّ المسيحيين وسواهم من الأقلّيات في المجتمع.

بدورها، عبّرت صافينا جافيد، الاختصاصيّة الاجتماعيّة الكاثوليكيّة البارزة من كراتشي، عن استيائها لـ«آسي مينا» بسبب ما حدث لسامينا. وقالت: «نحن ندين تلك الواقعة ونطالب باتّخاذ الخطوات اللازمة لمنع إساءة استخدام قوانين التجديف ضدّ المسيحيين وغيرهم من الأقلّيات في المجتمع الباكستاني»، مشدّدةً على أن «سامينا امرأة متعلّمة وشجاعة استطاعت استخدام ذكائها عبر تسجيل ما جرى لها، لكن السؤال المطروح يتعلّق بمدى خطورة الوضع في حال واجهت امرأة مسيحيّة غير متعلّمة أمرًا مماثلًا في منطقة نائية».

من جهتها، قالت روزالين دانيال وهي ممرّضة مسيحيّة من كراتشي لـ«آسي مينا»: «على الرغم من أن الحكومة علمت بالواقعة وتأكدت من أن سامينا كانت تؤدّي واجبها بحسب النظام إلّا أن الجزم بأن سامينا قد أصبحت بأمان ليس سهلًا».

قوانين التجديف في باكستان

قوانين التجديف بحقّ الإسلام سارية في جمهوريّة باكستان الإسلاميّة، لكن الاستخدام السيّئ لها يعرّض غير المسلمين للاضطهاد ويدفعهم إلى العيش في خوفٍ دائم بسبب الاتّهامات التي قد تُساق بحقّهم. ومن الممكن أن تُستخدم هذه القوانين لتصفية حسابات شخصيّة.

وقد أدّت قضايا تجديف عدّة إلى إعدام عدد كبير من الأشخاص خارج نطاق القانون. ومنذ إدخال قوانين التجديف إلى البلاد في ثمانينيّات القرن المنصرم، قُتِلَ 90 شخصًا على الأقلّ بأيدي مسلمين أو عصابات مسلّحة.

وفي الماضي، تعرّضت أماكن مسيحيّة عدّة في البلاد لهجماتٍ بأيدي مسلمين غاضبين لمجرّد طرح مزاعم تجديف ضدّ المسيحيين قبل أن تُثبت المحاكم العليا لاحقًا أنها كانت ادّعاءات عارية من الصحّة ولا تمتّ إلى الحقيقة بصلة.

 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته