إسطنبول, الأربعاء 19 نوفمبر، 2025
مع استعداد تركيا لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، تتّجه الأنظار إلى كنيسة القدّيس جاورجيوس البطريركيّة في حيّ الفنار- إسطنبول، القلب الروحيّ للأرثوذكسيّة، والتي ستكون مرّةً أخرى شاهدة على جسور الحوار، مع زيارة الحبر الرومانيّ لها، إذ سيُشارك في صلاة المجدلة الكبرى فيها، قبيل توقيع اتّفاق مشترك مع البطريرك المسكونيّ برثلماوس الأوّل.
شكّل البطريرك برثلماوس الأوّل علامة ثابتة في مسار العلاقات بين القسطنطينيّة والكرسيّ الرسوليّ، إذ عاصر أربعة بابوات متعاقبين، من يوحنّا بولس الثاني وصولًا إلى لاوون الرابع عشر. هذه الاستمراريّة الفريدة منحتهُ دورًا محوريًّا في تثبيت مسار الحوار المسكونيّ، إذ شهد عن قرب تطوّر الرؤية الكاثوليكيّة تجاه الكنائس الشرقيّة، ورافق التحوّلات التاريخيّة التي عرفتها العلاقات بين الشرق والغرب في خلال العقود الأربعة الأخيرة.
كان برثلماوس الأوّل على سبيل المثال قريبًا من البابا فرنسيس لناحية الاهتمام بقضايا البيئة، ليُلَقَّب البطريرك الأخضر. كما دافع عن الحرّية الدينيّة وحقوق الإنسان ونالَ لأجل ذلك ميداليّة الكونغرس الأميركيّ الذهبيّة في العام 1997. وهو يُعدّ في التاريخ الحديث والمعاصر الزعيم الدينيّ الأرثوذكسيّ الوحيد الذي تلقّى تعليمه في روما. فبعدما أنهى دراسته في معهد أرثوذكسيّ، واصَلَ دراسته في الجامعة الحبريّة الغريغورّية في روما، متخصّصًا في القانون الكنسيّ.
عودة الرفات… تجسيد لحوار المحبّة
تحتفظ كنيسة القدّيس جاورجيوس في رواقها الأيسر برفات "الثلاثة الكبار"، وهم القدّيسون باسيليوس الكبير، وغريغوريوس اللاهوتيّ، ويوحنّا الذهبيّ الفم. وكان رفاتُ كلّ منهم قد نُقِلَ من القسطنطينيّة إلى روما بعد الحرب الصليبيّة الرابعة في العام 1204.
إلّا أنّ الحوار الذي انطلق في ستّينيّات القرن الماضي بين الكنيستَين والذي تزامن مع إعادة البابا يوحنّا بولس السادس بعض رفات القدّيسين إلى الكنائس الأرثوذكسيّة والشرقيّة، مهّد بعد عقود لاستعادة الرفات. ففي أثناء مشاركته في عيد القدّيسَين بطرس وبولس في روما في العام 2004، طلب البطريرك المسكونيّ من البابا يوحنّا بولس الثاني استعادة الرفات، ليُوافق البابا ويُنقَل رفات كلّ من القدّيسَين غريغوريوس اللاهوتيّ ويوحنّا الذهبيّ الفم في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، باحتفال مهيب. كما أُعيدَ رفات القدّيس باسيليوس لاحقًا.
قِطع ثمينة في الكنيسة
يتوافد يوميًّا عددٌ كبير من السيّاح والمؤمنين إلى كنيسة القدّيس جاورجيوس، لكنّ قلّةً قليلة منهم تعرف بوجود القطعة الأثمن فيها؛ وهي حجر لونه أسوَد يقع في الزاوية الجنوبيّة الشرقيّة (آخِر الرواق الأيمن) يُعتقَد أنّه جزءٌ من العمود الذي ربِط به السيّد المسيح وجلِد قبل صلبه.
ومن القِطع الفريدة التي تضمُّها الكنيسة أيقونة تُصوِّر العذراء حاملةً الطفل الإلهيّ، وهي تعود إلى القرن الحادي عشر وتُعَدّ من أقدم الأيقونات الفسيفسائيّة التي سَبقت طراز كنيستَي آيا صوفيا وخورا. إلى ذلك، ثمّة أيقونة فسيفسائيّة أُخرى تعود إلى القرن نفسه تُصوِّر يوحنّا المعمدان وهو يُشير إلى المسيح، وأيقونة ثالثة للعذراء والطفل تعود إلى ما قبل القرن الرابع عشر وهي مغطّاة بالذهب والفضّة وتُبجَّل لقدراتها العجائبيّة.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته