بابل, الثلاثاء 4 نوفمبر، 2025
لم تقتصر نبوءات حزقيال النبيّ على إعلان خراب أورشليم ودينونة الأمم ودعوة الشعب إلى التوبة، بل شملت أيضًا التنبّؤ بعودة أفراد الشعب من السبي البابليّ كنتيجةٍ أكيدة لعودتهم إلى الله والتوبة عن خطاياهم، أو بكلماتٍ أخرى «كَفِلَ عودتهم». ويُرجّح باحثون أنّ حزقيال النبيّ ورد ذكره في القرآن بلقب «ذي الكفل».
حزقيال، ومعنى اسمه «الله يُقوّي»، هو أحد الأنبياء الأربعة الكبار وينتمي إلى عشيرةٍ كهنوتيّة. عاشَ في البلاد المعروفة اليوم باسم «العراق» في إثر قدومه إليها مع اليهود المسبيّين في عهد نبوخذ نصّر الملك البابليّ.
«صَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلى حِزْقِيَالَ الكَاهِنِ ابْنِ بُوزِي فِي أَرْضِ الكَلدَانِيِّينَ عِندَ نَهرِ خَابُورَ»، تُحيلنا هذه الآية من سفر حزقيال إلى بابل الكلدانيّين، حيث عاش المسبيّون من شعب إسرائيل، فلا نستغرب حينئذٍ أن نجد في محافظة بابل العراقيّة اليوم مرقدًا يُنسَب إلى النبيّ حزقيال، يقع في مدينة اسمها «الكفل»، يبدو أنّها أخذته من لقبه.
مزارٌ لليهود
لطالما كان هذا المكان مزارًا يحجّ إليه اليهود من أقاصي الأرض، خاصّة العراقيّين منهم قبل مغادرتهم البلاد في خمسينيّات القرن المنصرم، يقصدونه للصلاة والدعاء «لا سيّما في رأس السنة العبريّة وعيد الكفّارة، وفي تلك الأيام تقام الأفراح» بحسب د. وسن حسين محيميد التي أكّدت أنّ أحدًا من اليهود أو المسلمين لم يكن يجرؤ على أن يسلب مرقد حزقيال أو يدنّسه حتى في أيّام الحروب، مستندةً إلى كتاب الرحّالة اليهوديّ بنيامين التطيلي.
يقع المرقد اليوم ضمن جامع النخيلة، ويضمّ إلى جانب قبر النبيّ حزقيال قبورًا أخرى ضمن جدرانه تعلوها لوحات تعرّف بأسماء أصحابها: يوحنّا الديملجي، ويوشع، ويوسف الربّان، وباروخ وخون. ولم تحدّد أيّ مصادر موثوقة هويّة هؤلاء على وجه الدقّة، سوى ما يشيع عن كونهم تلاميذ النبيّ.
مجمعٌ دينيّ وحضاريّ
أدرجت اليونسكو الموقع في القائمة الموقّتة لمواقع التراث العالميّ في العراق منذ العام 2010، إلى جانب مواقع أخرى، وعدّته موقعًا عالميًّا قيّمًا واستثنائيًّا ومجمعًا دينيًّا تمتزج فيه تقاليد أممٍ عدّة وتراثها.
إذ مع تحوّل المرقد الذي يعدّ أقدم مزارٍ يهوديٍّ في العراق، إلى جامع، صارت له قدسيّته لدى المسلمين أيضًا، يقيمون فيه صلواتهم وشعائرهم. لذا ترى اليونسكو إمكانيّة اعتباره مظهرًا من مظاهر اندماج الحضارات، لا صراعاتها أو خلافاتها.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته