ماردين, الثلاثاء 21 أكتوبر، 2025
في منطقة طور عبدين، حيث تتعانق الحجارة القديمة مع التراتيل السريانيّة، تتربَّع جوهرة خفيّة في قضاء مديات بولاية ماردين التركيّة. إنّها قرية «حاح» أو «أنطلي» كما تُعرف اليوم. هذه القرية العريقة التي حافظت على نبض الإيمان والتراث عبر العصور، نالت اعترافًا عالميًّا بمكانتها الفريدة، إذ اختارتها منظّمة السياحة العالميّة التابعة للأمم المتحدة ضمن «أفضل القرى السياحيّة في العالم» في خلال احتفال بمدينة هوتشو الصينيّة.
«حاح» موطن لأوّل مكتبة سريانيّة في تركيا تُقام خارج أسوار الكنائس، وهي منارةٌ ثقافيّة تحفظ ذاكرة السريان وإرثهم الروحي والفكري العريق. تحتضن القرية كاتدرائية مار سوبو وكنيسة السيّدة العذراء التابعتين للطائفة السريانية الأرثوذكسية. ويُعرف هذا الموضع الفريد بمعماره المميّز ومبانيه الحجرية التي تعود إلى القرنين الرابع والخامس للميلاد، وهو شاهد على عصور من الإيمان والعراقة. وتُعدّ «حاح» من أولى قرى السريان في طور عبدين التي اعتنقت المسيحية، إذ شُيّدت كنائسها الأولى على مواقع دينية أقدم، لتبقى شاهدة حيّة على تواصل التاريخ المقدّس بين العهود.
يشتقّ اسم «حاح» من كلمة تعني «المَعْلَم» أو «قرية المَعالِم»، وهو يدلّ على ما تحويه من شواهد أثرية وروحية خالدة. كانت القرية قديمًا محطة للتجارة يستريح فيها التجّار القادمون من الشرق عبر طريقٍ يمتدّ من إيران، ويُعتقد أنّ ازدهارها الباكر ارتبط بالحركة التجارية على ضفاف نهر دجلة. غير أنّ مسيرة «حاح» لم تخلُ من المحن، فقد شهدت عبر العصور موجات اضطهاد واستشهاد، واجهت فيها عنفًا وأوبئة ونزاعات.
إذا كنتم تخطّطون لرحلة إلى تركيا، لا تفوّتوا فرصة إدراج «حاح» في قائمتكم، فهي من أجمل قرى العالم، وفيها يلتقي الجمال الطبيعي بعبق التاريخ، والإيمان العميق بسحر الحجارة القديمة. «حاح» ليست مجرّد وجهة سياحية، وزيارتها تُعدّ رحلة إلى قلب الهوية السريانية وإلى ذاكرة حيّة من النور والصبر والجمال.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته