محطّات رحلة العائلة المقدّسة في ملاذها المصريّ

القاهرة, الخميس 18 سبتمبر، 2025

يُخبرنا الكتاب المقدّس بأنّ القدّيس يوسف «قَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيلًا وَانصَرَفَ إِلى مِصرَ»، ممتثلًا لأمر مَلاك الرَّبِّ الذي أبلَغَه فِي حُلْمٍ: «اهْرُبْ إِلَى مِصرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ»، والسبب أنّ «هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ».

لم ترد في الإنجيل أيّ تفاصيل عن هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر ولا عن الأماكن التي قصدتها العائلة المقدّسة في مصر، لكنّ تقليدًا مسيحيًّا قبطيًّا حفظ تفاصيل كثيرة عنها ليُقدّم إلى الأجيال مسارًا متكاملًا يُتيح رحلة حجٍّ رائعة تُرافق العائلة المقدّسة إلى محطّات حلولها في مصر.

مصادر ووثائق

أشهر مصدرٍ ذكَرَ الرحلة هو مخطوط ميمر البابا ثيوفيلوس الثالث والعشرين، المحفوظ في مكتبة مخطوطات الدير المحرّق، إذ يسرد ما رافق مسيرة العائلة المقدّسة من أحداثٍ ومعجزات. وتناولتها أيضًا بَرْديّة مكتوبة باللغة القبطيّة، تعود إلى القرن الرابع، نشرتها جامعة كولون الألمانيّة.

يُشير كتاب «محطّات في رحلة العائلة المقدّسة» الصادر عن وزارة السياحة المصريّة، إلى أنّ الرحلة استمرّت قرابة أربعة أعوام، تنقّلت في خلالها العائلة المقدّسة من شمال البلاد إلى جنوبها، وتراوحت فترة إقامتها في كلّ محطّة ما بين أيّامٍ معدودة وبضعة أشهر. وشُيِّدت لاحقًا في معظمها كنائس ومزارات، تخليدًا لهذه الزيارة المباركة وتكريمًا لها.

محطّات

بحسب المصادر، شرعت الرحلة، في مرحلتها الأولى، بزيارة العريش ثمّ الفرما فتلّ بسطا، وحطّت العائلة أيضًا في: مسطرد، بلبيس، سمنّود، سخا، ووادي النطرون؛ وشملت في مرحلتها الثانية: المطرية، بابليون (مصر القديمة)، منف، والمعادي؛ وفي الثالثة: البهنسا، جبل الطير، الاشمونين، فيليس، قسقام - مير - جبل قسقام - جبل درنكة.

واللافت أنّ البابا فرنسيس بارك أيقونة رحلة العائلة المقدّسة إلى مصر عام 2017، وأعلن حينئذٍ أنّ مباركة الأيقونة تعني اعتمادها رمزًا رسوليًّا للترويج للرحلة، بوصفها خطوة أساسيّة لتضمين مصر في برنامج الحجّ الفاتيكانيّ لعام 2018.

وجدير بالذكر أنّ منظّمة اليونسكو أدرجت عام 2022 احتفالاتٍ شعبيّة متعلّقة بالرحلة في القائمة التمثيليّة للتراث الثقافيّ غير المادّي للإنسانيّة. كما بادرت مصلحة سكّ العملة المصريّة، إلى سكّ مجموعة من المسكوكات التذكاريّة ضمّت 12 عملة تمثّل أبرز محطّات رحلة العائلة المقدّسة في مصر، تتصدّرها الآية المقدّسة من سفر إشعياء «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ».

لم يورد الإنجيل، كما أسلفنا، تفاصيل أيّام العائلة المقدّسة في مصر ومحطّاتها هناك، لكنّه لم يُغفِل الإشارة إلى انتهائها بزوال سببها، فختم: «وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل: "مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني"».