روما, السبت 2 أغسطس، 2025
في قلب روما، حيث تتدفّق حشود الشباب من أصقاع الأرض للمشاركة في اليوبيل المخصّص لهم، لا يمكن للأعلام اللبنانيّة أن تغيب عن المشهد، إذ ترفرف على أكتاف الحجّاج، وتعلو معها الأناشيد والصلوات، كأنّها شهادة حيّة على إيمان لا تضعفه الأزمات، وحضور لا يغيب في المواعيد الكبرى. فلبنان الذي أعطى الكنيسة قدّيسين وشهداء، لا يتخلّف عن درب الرجاء، بل يسير دائمًا في طليعته.
شربل الحاج، شاب ماروني يبلغ 22 عامًا، سافر من لبنان للمشاركة في يوبيل الشباب في روما. وقال لـ«آسي مينا»: «وجودنا هنا رسالة واضحة مفادها أنّ الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط ما زالت حاضرة وحيّة. هناك عدد كبير من اللبنانيين في هذا الحدث على الرغم من كلّ ما مرّ به لبنان، وهذا يعني لنا الكثير. يجب أن نستفيد من هذا الحدث لنُعرّف العالم على لبنان وغناه الكاثوليكي، على قدّيسينا، وعلى التاريخ الذي نحمله. إنّها أيضًا فرصة رائعة للتواصل مع الحجّاج على مستوى عميق، ولدعوتهم للحجّ إلى لبنان».
شربل هو صانع محتوى وبطل في رفع الأثقال، ويؤثّر في الشباب يوميًّا. من هذا المنطلق، أطلق صفحة بعنوان «المجد لله» يشارك من خلالها الإيمان الكاثوليكي بأسلوب شبابي، صادق وحيوي، يهدف إلى جذب جيله نحو الكنيسة. وفي ما يتعلق بإمكان تحويل الشبكة العالميّة التي يلتقيها في اليوبيل إلى قوّة دعم حقيقيّة للبنان، أوضح: «علينا أن نكون مبدعين في إيجاد طرق لترك أثر دائم في قلوب الشباب لنكسبهم كأصدقاء حقيقيين وداعمين. قد يكون ذلك من خلال إظهار الاهتمام بثقافتهم، الحديث عن قدّيسيهم، تبادل الهدايا، تصوير فيديوهات مشتركة، لكن الأهم من كلّ ذلك هو أن نُصلّي معًا».
غير أنّ الحضور إلى روما ليس متاحًا للجميع، فأسعار التذاكر المرتفعة وتعقيدات التأشيرات تقف عائقًا أمام كثير من الشباب، خصوصًا في بلدان مثل لبنان.
جو نصّار أخ ماروني، صانع محتوى وطالب طبّ في سنته السابعة يمثّل «شبيبة الوردية»، عبّر عن فرحته بالمشاركة قائلًا: «جميل جدًّا أن نرى كهنة ورهبانًا وراهبات وعلمانيين، كبارًا وصغارًا، جاؤوا من مختلف بلدان العالم ليلتقوا معًا ويكونوا واحدًا في المسيح». لكنّه لم ينسَ مَن لم تسنح له الفرصة للحضور، موجّهًا رسالة إلى الشباب اللبنانيين الذين تعذّر عليهم المجيء: «الرجاء ليس مجرّد فكرة، بل هو شخص حيّ: المسيح القائم من الأموات. هذا يعني أننا نستطيع اختباره أينما كنّا، حتى بالنسبة إلى من لم يأتوا إلى روما».
ولا يقتصر الحضور اللبناني في يوبيل الشباب على الوافدين من لبنان. فالشباب من الجاليات اللبنانية المنتشرة حول العالم يشاركون أيضًا، حاملين في قلوبهم إيمانًا لم تغِب جذوره رغم البعد.
باتريك بو راشد هو مهندس ماروني يبلغ 27 عامًا، وُلد في السويد، ويشارك في الحدث مع أبرشيّة ستوكهولم الكاثوليكيّة.
على الرغم من ابتعاده الجغرافي عن موطنه الأصلي، يؤكّد أنّ التقاليد المارونيّة حيّة في قلبه. ولو أُتيحت له فرصة توجيه رسالة إلى البابا لاوون، قال باتريك: «أطلب منه مواصلة دعم المسيحيين الذين يعيشون كأقليات، سواء في أوطانهم أو في بلدان الاغتراب. وسأطلب منه أن يزورهم، ويشجّعهم، ويذكّرهم بأنّهم غير منسيّين. حياة المسيحي المنتمي إلى أقليّة قد تكون حياة وحيدة في كثير من الأحيان، ونحن بحاجة إلى حضور الكنيسة ودعمها لنواصل السير مع يسوع وننقل نوره إلى الآخرين».
وأضاف أنّه التقى في خلال اليوبيل عددًا كبيرًا من الشباب اللبنانيين، إلى جانب مشاركين من سوريا، العراق، ومصر: «كان شعورًا رائعًا أن أختبر نوعًا من الوحدة مع مسيحيين من دول ناطقة بالعربية، خاصة لأننا جميعًا نعيش واقع الأقليّة. كما التقيت العديد من اللبنانيين القادمين من أستراليا، وكانت تجربتهم مشابهة جدًّا لتجربتي. هذا اللقاء منحني شعورًا قويًّا برسالة مشتركة، وبنوع من التضامن الحقيقي».
فرنسيس تامر، شاب ماروني وُلد ونشأ في أستراليا، يزور روما للمرّة الأولى. وهو ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي حيث ينشر من خلالها بودكاست وفيديوهات تتمحور حول الإيمان والحياة الروحية. وقد أشار إلى أن التحضير لهذه الرحلة بدأ منذ نحو ثمانية أو تسعة أشهر، من خلال جلسات تنشئة شهرية شملت بُعدين: روحي ولوجستي.
أما عن السبب الأعمق الذي يدفع الشباب اللبنانيين إلى المشاركة في هذا النوع من الأحداث الكنسية العالمية، فيربطه فرنسيس بالشعور بالانتماء إلى ما هو أكبر من الذات أو الهوية: «على الرغم من أننا نحن الموارنة نتمتع بتراث وهوية خاصة، إلا أننا يجب أن ندرك أننا جزء من شيء أكبر بكثير. نحن جزء من الكنيسة الكاثوليكيّة، الكنيسة الجامعة. لذا فإن المشاركة في أحداث كهذه تسمح لنا بأن نرى مكاننا في جسد المسيح الجامع، جسد المسيح بكامله. وهذه نعمة للكاثوليك من أنحاء العالم أن يجتمعوا معًا، بغض النظر عن لغتهم أو تراثهم أو الكنيسة التي ينتمون إليها. نجتمع جميعًا ونتّحد بصفتنا كنيسة جامعة واحدة، نتشارك الإيمان ومحبّة كنيستنا وربّنا وأمّنا المباركة».
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته