روما, الجمعة 18 يوليو، 2025
ربّما قرأتم في أحد كتب التاريخ أو على مواقع إلكترونيّة عن عصر النهضة الإيطاليّة الذي بدأ في القرن الخامس عشر. لكن قبل النهضة، عرفَت شبه الجزيرة الإيطاليّة قرنًا فنّيًّا مميزًا.
بلغت حضارة تلك البلاد الفنّية أوجها في القرن الرابع عشر. ورأى بعض المؤرّخين في ذلك العصر أهمّية كبرى، فدمج الفنّانون إبداعهم بلاهوت معاصريهم وأنتجوا تحفًا أبهرت أجيالًا من المؤمنين.
جداريّات اختصرت عالم الفسيفساء
كان غنى المجتمع إحدى ميزات نجاح ذلك القرن فنّيًّا. فتجنيد العمّال لرسم الجدران ونحت التماثيل وتزيين الكتب بالمنمنمات وترصيع الأواني الذهبيّة يحتاج إلى اقتصاد قويّ قادر على تمويل تلك الجهود. وتمكّنت مدن وسط شبه الجزيرة وشمالها من دفع الأموال اللازمة لذلك.
وربّما كانت الجداريّات أحد أبرز الأعمال الفنّية الخالدة، إذ إنّ رسمها اختصر الوقت الطويل اللازم لإتمام فسيفساء بيزنطيّة. واكتسبت جداريّات ذلك القرن بُعدًا ثقافيًّا وتعليميًّا، فُرسِم الكتاب المقدّس كي يشاهده الفقراء، على سبيل المثال.
وأضاءت لوحات جوتّو وسيموني مارتيني وبييترو لورينزيتّي مدينة أسيزي. ورسم جوتّو أيضًا كابيلا سكروفيني الشهيرة في مدينة بادوفا. وعُرِفَ جوتّو مع مدرسته الفنّية بتحويل اليوناني إلى لاتيني، أي الفسيفساء إلى جداريات، فاستمرّ إرثه من خلال تلاميذه.
حرفيّون وكتّاب
كلّفت بعض الأعمال الفنّية أثمانًا باهظة جدًّا توازي سعر مبنى، مثل حافظة الصمدة المقدسة في أورفييتو للفنّان أوغولينو دي فييري، وكأس غوتشو مانّايا القربانيّ المتروك بين كنوز أسّيزي.
ولم يغب عن مشهد القرن الرابع عشر الثقافي كتّاب مثل دانتي أليغييري صاحب القصيدة الملحميّة المسيحيّة «الكوميديا الإلهيّة»، وجوفاني بوكاتشو بعمله «الأيّام العشرة» الذي يعكس بعض الملامح المسيحيّة في صفحاته.
حكمة في الهندسة المعماريّة
لم يتميّز ذلك القرن بإنتاج تحف فنّية فحسب، بل ظهر فيه تنظيم العمل وبرزت الحكمة التكنولوجيّة. وتولّى جوفاني بيزانو إدارة ورشات بناء كاتدرائيتَي بيزا وسيينا. ورفع أندريا بيزانو أبوابًا برونزيّة عند مدخل مبنى جرن المعموديّة في فلورنسا.
وعلى الواجهة الخارجيّة لكاتدرائيّة أورفييتو، ترك لورنزو مانتاني قصصًا بالنقش البارز من العهدَين القديم والجديد تفتح عينَي الناظر إليها على تاريخ الخلاص. وأقام جوتّو برج أجراس كاتدرائيّة سانتا ماريا ديل فيوري في فلورنسا. وملأ الأخ بيفينياتي نافورةً بالمياه في مدينة بيروجيا، عكست ذكاءه الحادّ في الهندسة الهيدروليكيّة.
وفي ذلك كلّه، تحوّلت كنيسة ذلك العصر إلى أكبر مختبر للتطوّر الفنّي. وعَبَرَت المدن حركة ثقافيّة-فنّية تشبه نهرًا ذهبيًّا أضاف صفحاتٍ من العراقة إلى تاريخها الطويل.
اشترك في نشرتنا الإخبارية
في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.
اشترك الآنرسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته